الثلاثاء، 5 أبريل 2016

معجزة الامتنان

معجزة الإمتنان
وإنّ في دمعةَ العينِ أعظم أسرار الحكمة وخوافيها. دمعةٌ تنسابُ تعبيراً عن شُكرٍ عظيم لمُعجِزةٍ اسمها الحياة. لن يَلمَس الإنسان قلبَه، ولن يطالَ أعالي بشريّته ما دام الإمتنان من حياته مفقود.
الإمتنانُ للبشرية هو السّماء
لستُ أقول بأنّ الإمتنان سماءٌ لا يطالها سوى المستنيرين، الإمتنانُ هِبَة بشرية تزور حياة الإنسان حامِلَةً بين يديها أسرار النعمة وبركاتها
أنت قادرٌ على أن تكونَ شاكِراً مُمتَنّاً لجميعِ ما وصلَك، لجميع ما مُنِحْت، لما قُدِّمَ لك على دروب الحياة..
أنظُر لما مَنَحَكَ إياه جميع مَن حولك، إبحث عن مِنَح وهدايا وكرَم الحياة..
كَم وَصَلَك منها من خلالِ قلوبٍ تعرِفها كانت يدَيّ الحياة تُعطيك وتُهديك من الخيرات والمَسَرّات
أنظُر إلى ما وَهَبَتْكَ إياه الحياة.. إلى هذا الجسد.. إلى هاتيْن العيْنَيْن.. قُدْرَتك على السَّمَع.. على الشمّ، على تذوُّق ما لذَّ وطاب تجودُ به من خيراتها الحياة.. أنظر إلى هذا التجسُّد البديع، إلى جسدِك الجميل.. تمَعَّن في قدرتك على مشاركة الأحباب والأصدقاء، على السعادة، على المحبة، على ترحالك فوق دروب الحياة داخلاً في علاقات ومشارِكاً في لقاءات مُستَمتِعاً بقضاء أسعَد وأعذب الأوقات.. يا لهُ من كَنزٍ واسعٍ شاسِعٍ عظيم مَنَحَتْكَ إياه الحياة..
وأنت ما طلَبْت وما سألْت حتى عن الكنز الذي أهْدَتْكَ إياه.. أنت أتَيْتَ إلى هذا العالَم وبين يديْك فرصة شاسعة واسعة حتى تحيا الحياة.. أنّى لكَ والإمتنان من حياتك مفقود أن تستشعِر إحساس قلبك وما فيه، وسِرّ الكنز البديع الذي يحويه..
بدون امتنان، كيف لقارِبك أن يهتدي إلى شاطىء الأبدية السّعيد؟ إلى خلودٍ مَديد؟
هِبَة الخلود كَنزٌ مُختَبىء في أعماق هذا الجسد، في أعمق مكان في باطن العقل.. هناك يختبىءُ كيانٌ من نور.. كائنُ النور..
لا تُغلِق نافِذةً تُساعِدك على الطيرانِ عِبرَها مُحَلِّقاً في سماءٍ تلمَحُها منها، لا تهجُر الإمتنان فتبتعد عن تلك النافذة وتُغلِقها..
الإمتنانُ دواء القلوب
الإمتنانُ بَلْسَمٌ يُداوي القلوب لِتسترخي وتُشَرِّعَ أبوابها فتصبحَ أنت كياناً بالخفايا الحكيمة، بالأسرار مَغمور..
الإمتنانُ يُبحِرُ عميقاً جداً فيك، يتغلغل في خلاياك وعظامك ودمك.. يبعثُ الحياة فيك حتى يغدو لك هالتك التي تُحيطُ بك وتحميك.. هو يدٌ تمتدُّ إليكَ تُناجيك فاتحةً عيون قلبك حتى ترى كَم أحسَنَ إليك الوجود، كَم أعطتكَ الحياةُ ووَهَبتك وكم تُعطيك.. هكذا تشعُر بالخشوع، بالإنحناء لقداسة وكرَم الحياة إذ ما الذي فعلته أنت حتى تستحقَّ هذا الجسد، هذا العقل، هذا القلب، وهذه القدرة على أن تحيا وتُحِبّ..
إني عاجِزٌ عن ترجمة كلمة امتنان.. كَم هي عميقة.. كَم هي حَسّاسة.. دمعةٌ من العين تنساب، لهِيَ أبلغ شرحٍ ووَصفٍ لكلمة امتنان..
مصدرُ الحياة هذا، مَنبَعُ الجمال هذا، أنحني إليه وأخشع أينما التقيته، أيْ في كلِّ مكان.. وإني ممتنٌّ لما أتلقاه في كلِّ لحظةٍ يَصِلُني
قلبُك هذا مُعَطَّرٌ بأجواء الخشوعِ هذه، يغدو التربة التي تمشي عليها رحلتك داخلك
ذبذبة الوعي هذا تتحوّلُ الإنسان الجديد داخلك
الإمتنانُ تحليقٌ في السماء حولك
تحليق فتحليق فتحليق حتى تتجاوزك، تتجاوز الإمتنان وتتجاوز التحليق فلا يبقى أحد..
سوامي راجنيش
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي